التكنولوجيا باتت محركا اساسيا للنمو وخلق الوظائف في القارة الافريقية

0
1549
القى رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة السيد إلياس العماري صباح يومه الجمعة بطنجة، كلمة في افتتاح المؤتمر الدولي حول التكنولوجيا والابتكار والمجتمع Cyfy africa 2018، المنظم تحت الرعاية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، من طرف وزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي ومجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ومركز الدراسات والأبحاث الهندي. وفي مايلي الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة : حضرات السيدات و السادة، أتشرف، باسم مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، أن أرحب بضيوف مؤتمر التكنولوجيا والابتكار والمجتمع في أفريقيا، الذي ينظم بمدينة طنجة، تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بشراكة بين وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، ومجلس الجهة، وبتعاون مع مؤسسة الدراسات والأبحاث الهندية. لم تأت استضافة طنجة لفعاليات مؤتمر التكنولوجيا والابتكار “سايفاي أفريقيا” من فراغ، بل لأن طنجة تعتبر بوابة حضارية وثقافية نحو إفريقيا، كما تُعَدّ إحدى مراكز التكنولوجيا المهمة في القارة الأفريقية. فاحتضان طنجة لأشغال هذا المؤتمر الهام له دلالة خاصة، لأن موقعها في نقطة التقاء البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي، يجعل منها مدينة الالتقاء والتقاطعات القارية. وهنا في مدينة طنجة، يجتمع اليوم، خبراء وأصحاب القرار من الجهات الأربع من الكرة الأرضية. والموضوع الذي يجمعنا هو التكنولوجيا الرقمية التي أَعْدَمَتْ جميع المسافات، وقَرَّبَتْ بين جهات العالم، وحَوَّلَتْ، بالفعل، ليس فقط الكرة الأرضية، بل أطرافاً أخرى من فضاء هذا الكون، إلى قرية صغيرة. حضرات السيدات و السادة، يقف العالم حالياً على أعتاب الثورة الصناعية الرابعة، وهي ثورة تكنولوجية بامتياز تأتي بعد ثلاثة ثورات صناعية كبرى: الأولى حدثت خلال الفترة من 1760 واستمرت حتى العام 1840، ونقلت البشرية من القوة العضلية إلى قوة الطاقة البخارية. ثم جاءت الثورة الصناعية الثانية بنهاية القرن الثامن عشر، واستمرت نحو مائة عام متسلحة بالمككنة والانتاج الضخم. لتأتي بعدها الثورة الصناعية الثالثة خلال تسعينيات القرن الماضي بالحواسب والانترنت. فيما تعتمد الثورة الصناعية الرابعة التي يقف العالم على أعتابها الآن على اقتصاد المعرفة وأنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي. يأتي إنعقاد مؤتمر “سايفاي أفريقيا” 2018 في وقت تؤكد فيه البيانات المتاحة أن التكنولوجيا باتت مُحَركاً أساسيا للنمو وخلق الوظائف في القارة الافريقية، التي شهدت خلال الفترة الماضية نمواً متسارعاً أسفر عن قفزة قياسية في عدد مراكز التكنولوجيا، لتصل إلى مستوى يبلغ 314 مركزاً تكنولوجيا في 93 مدينة في 42 دولة بالقارة. وقد أدى التطور التكنولوجي المتسارع في أفريقيا إلى تسابق الشركات العالمية على ضخ استثمارات في بلدان القارة السمراء، خصوصا أن سوق تكنولوجيا المعلومات بها لم يُسْتَنْفَذْ بعد، وما زال يحمل فرصاٌ للنمو. وفرص الرفع من هذه الاستثمارات تزداد بإيقاع مرتفع، لأن مستويات الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات، على المستوى الدولي، تتطور بشكل ملحوظ. حيث تشير بيانات مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية جارتنر إلى بلوغ الإنفاق مستوى 3.7 تريليونات دولار خلال العام الحالي 2018، بنسبة نمو متوقعة تبلغ مستوى 4.5 في المائة. ولما كانت المملكة المغربية رائدة، إفريقيا، في قطاع التكنولوجيا، فإن ريادتها تفرض عليها بحث المستقبل الذي تحمله التكنولوجيا في أفريقيا. خصوصا أن المملكة المغربية تُحَقِّق نحو 45 في المائة من مجموع الصادرات التكنولوجية بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط إلى باقي دول العالم، وفق أحدث البيانات الرسمية. انطلاقا من طنجة، فإن سايفاي أفريقيا 2018 يبحث حُزْمةً من التحديات التي أنتجها التطور التكنولوجي المتسارع، بمشاركة واسعة من خبراء دوليين. وتتمثل أبرز القضايا التي يبحثها هذا المؤتمر التَّدَفُق الأفقي للابتكار من أفريقيا إلى البلدان النامية الأخرى، إلى جانب استعراض آليات إنشاء مجتمع رقمي للجميع في افريقيا مع تعزيز الإدماج المالي والاجتماعي. كما يناقش أيضا طرق تعزيز نمو الاقتصاد الإبداعي الأفريقي وآليات تأمين أنظمة الدفع، بواسطة الهاتف، في أفريقيا، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعية على الانتخابات. إن تحدى مواجهة التطرف العنيف على الأنترنت، والذي يعتمد على التكنولوجيا، لم يكن غائبا عن أجندة المؤتمر الذي يبحث كيفية وضع استراتيجية قارية لمواجهة التهديد الذي يشكله الإرهاب الرقمي. بالإضافة إلى ذلك، فإن مواجهة الجرائم الرقمية التي باتت هاجسا للقارة الافريقية يمثل محوراً رئيسيا من محاور المؤتمر. فعلى سبيل المثال فقط، إن تكلفة الهجمات المعلوماتية تبلغ نحو 450 مليار دولار سنويا على مستوى العالم، وهو ما يفوق بأربعة أضعاف خسائر الأعاصير والكوارث الطبيعية. كما يعتبر هذا الملتقى فرصة لتحديد آليات تحقيق التنمية المستدامة، باستخدام التكنولوجيا. بالإضافة إلى استعراض تحديات الابتكارات التكنولوجية في قارتنا، وخطوات إيجاد إطار رقمي معياري، إلى جانب الفرص والتحديات التي يواجهها الشباب في الاقتصاد الرقمي الجديد. مع العمل على تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات، من خلال وضع خارطة طريق لمواجهة تحديات النمو التكنولوجي المتسارع. وهو ما يؤسس لمرحلة نمو مستدامة جديدة في افريقيا. ورغم المكاسب التكنولوجية والتنموية التي حققتها، و ماتزال تحققها، الثورة الرقمية، فإن مخاطرها الإنسانية والاجتماعية أصبحت تشكل مصدر قلق للأفراد و المجتمعات. حيث إن السلوك البشري أصبح يتعرض لتحولات جذرية، يفقد فيها الإنسان إنسانيته، ليرتهن بواقع افتراضي يسلب من الإنسان حريته ووجوده الإنساني الأصيل. إذ أن الواقع الافتراضي أصبح يأخذ تدريجيا مكان الواقع الحقيقي الذي يمنح للوجود البشري معناه الطبيعي. ولذلك، فإن تنظيم مثل هذه المؤتمرات، يتيح لنا الفرصة لمناقشة أبعاد التكنولوجيا “
                                                 م / م النعيمي